بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم عجل لوليك الفرج
::
نَحل النبي ( صلى الله عليه وآله ) فدكاًإلى بضعته ، الزهراء ( عليها السلام ) بوحيٍ من الله و تعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، (الروم : 38 )
سنة سبع من الهجرة ، و بقيت بيدها أكثر من ثلاث سنين..
مطالبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بِفَدَك
لمَّا استقام الأمر إلى الخليفة أبي بكر ، بَعَثَ إلى فَدَك من أخرج وكيل فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) منها .
فجاءت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) إلى أبي بكر ، ثم قالت : ( لِمَ تَمْنَعْنِي مِيرَاثِي يَا أبَا بَكْرٍ مِنْ أبِي رَسُولِ الله ( صل الله عليه وآله ) ؟ ، و أخْرَجْتَ وَكيلي مِنْ فَدَك ؟ ، وَ قَدْ جَعَلَها لِي رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِأمْرِ اللهِ تَعَالَى ؟ ) .
فقال لها أبو بكر : هَاتِي على ذلك بشهود .
فجاءت ( عليها السلام ) بأمِّ أيمن بركة بنت ثعلبة ، التي قال عنها رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) : ( أمُّ أيْمَنٍ أمِّي بَعْدَ أُمِّي ) .
و كان ( صلى الله عليه و آله ) يُكرمها ، و يَزورها .
فقالت أم أيمن لأبي بكر : لا أشْهَدُ يَا أبا بَكْرٍ ، حتى أحتجَّ عليكَ بِما قالَهُ رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أُنْشِدُك بالله ، ألَسْتَ تَعْلَم أنَّ رَسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : ( أمُّ أيْمَنٍ امْرَأةٌ مِنْ أهْلِ الجنَّة ) .
فقال : بلى .
قالت : فأشْهدُ أنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، (الروم : 38 ) ، فجعل ( صلى الله عليه وآله ) فدكاً لفاطِمَةَ بِأمرِ اللهِ تَعالى .
ثم شهد علي ( عليه السلام ) بِمِثل ما شهدَتْ بهِ أمُّ أيْمن ، فكتب أبو بكرٍ لها كتاباً و دفعه إليها .
ثم دخل عمر ، فرأى الكتاب بيد فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، فقال لأبي بكرٍ : ما هذا الكتاب ؟ .
فقال أبو بكر : إن فاطمة ادَّعت في فدك ، و شهدَتْ لها أمُّ أيمن و علي
فكتبتُ لها .
فأخذ عمر الكتاب من فاطمة ( عليها السلام ) فتفلَ فيه ، و مزَّقَه ، و قال : هذا فَيء للمسلمين ، فإن أقامت شهوداً ، أن رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) جعله لها ، و إلاَّ فلا حَقَّ لها فيه .
عجيب هذا الأمر !! ، و أكثر من عجيب ، خليفةٌ يأمر بأمْرٍ ، و أحد أصحابه يتْفِلُ بالكتابِ ، و يمزِّقُه بمرأىً ، و بِمَسمعٍ من الخليفة !! ، فهل هناك عَجَب أكثر من هذا ؟! .
و قد تتابعت عليها الأحداث الآتية :
1 - كانت بيد فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مِن سَنَة سَبع من الهجرة النبوية ، و خلال حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و حتى تولَّى
أبو بكر الخلافة ، تُديرها بواسطة وَكيلٍ لها فيها ، توزِّع ثمارها ، و ما تنتجه على فقراء المسلمين .
2 - لما تولَّى أبو بكر الخلافة ، سلبها من فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بِحُجَّة أنها فَيء المسلمين .
3 - وَهَبها معاوية إلى مَروان بن الحكم ، لِيُغِيظ بذلك آل الرسول ، و معنى ذلك أنها لم تكن مجرد قطعة أرضٍ ، و إنَّما معناها أكثر قيمة و أهمِّية منها .
4 - وهبها مَروان إلى ابنه عبد العزيز ، فوَرَثها ابنه عمر منه ، و لمَّا ولي الأمر عمر بن عبد العزيز ، ردَّ فدكاً إلى أبناء فاطمة و
علي ( عليهما السلام ) .
5 - لما ولي يزيد بن عبد الملك قَبَضَها ، فلمْ تَزَل في أيدي بني أمية ، حتى ولي أبو العباس السفّاح الخلافة .
6 - دفعها أبو العباس السفاح إلى وُلْد علي مَرَّة ثانية ، إلى أن ولي الأمر المنصور .
7 - لمَّا خرج بنو الحسن على المنصور ، قَبَض فدكاً منهم ، فرجعت بيد بني العباس .
8 - لمَّا اسْتَوَى الأمر للمأمون رَدَّ فَدَكاً إلى أبناء فاطمة و عليٍّ ( عليهما السلام ) بعْدَ أن استوثق عنها من القُضَاة في دولته ، وك تب لهم بذلك كتاباً .
فقام دعبل الشاعر وأنشد :
أصْبَحَ وَجْهُ الزَّمَانِ قَدْ ضَحكَا بِرَدِّ مَأمُون هَاشِمٍ فَدَكَا